80 مفكر وخبيرا
يصنعـون ملامح الاصلاح الاقتصادي
علينا ان نحرص علي ما تم انجازه في الماضي، والاستفادة
من مشروع الالف قرية لانه لاول مره نعرف القري الاشد فقرا
الشباب ضائع. ومصر تدخل عصر الاحتكارات " بأن المستقبل
في يد الشباب، وهم وحدهم الذين سيغيرون مستقبل مصر ووضعها علي خريطة
الكبار، لهذا جاء تقرير التنمية البشرية حول الشباب ليضعنا علي الطريق
الصحيح لنهضة مصر. واليوم يصدر تقرير آخر تحت إشرافها وبعنوان " تحليل
الموقف: التحديات التنموية الرئيسية التي تواجه مصر " شارك فيه أكثر من 80
شخصية اقتصادية مصرية وبالتنسيق والتعاون مع عدد كبير من المنظمات والهيئات
المانحة لتحديد المشروعات ذات الأولوية في مصر لمساعدتها والبدء بها كنقطة
انطلاق للاقتصاد المصري، موضحا لأهم التحديات التي تواجه التنمية الآن
والقطاعات الرئيسية التي ستقود النهضة في مصر .لهذا جاء الحوار مع الدكتور
هبة حندوسة ثريا ويحمل الكثير من الطموحات، خاصة أنها تشير إلي أن الاقتصاد
المصري يمكنه أن يكون علي خريطة الكبار خلال 5 سنوات، فهي شخصية براجماتية
عالمية تحمل في وجدانها كل هموم الشباب المصري وعملت كمستشارة لأربعة
وزراء صناعة، ولا تري غضاضة في الوقوف بعنف ضد من ينال من القطاع الخاص
المصري وتندد بالاحتكارات في كل قطاعات الدولة، وأن الفرصة جاءت لمصر عبر
ثورة الشباب التي اختصرت سنين طوالا للخروج من دوامة النظام السياسي.
بصفتك أكثر انخراطا في الشباب من خلال التقرير الرائع الذي قدمتيه محذرة من
عواقب استفحال الأمور فهل كنت تتوقعين ثورة الشباب؟
- لم أتوقع هذا
الحدث الكبير وبالصورة التي نفذ بها وبالمفاجأة التي انتهي إليها لقد فاجأ
الشباب الجميع سواء في الداخل أو في الخارج حتي أعتي أجهزة المخابرات في
العالم، فالشباب قاموا بالثورة وكانوا علي استعداد للتضحية حتي آخر نفس.
وهناك دول عدة أعلنوا أنهم سوف يدرسون ثورة الشباب كنموذج رائد لشبابهم
ليتعلموا منها، لأنها ثورة بيضاء، حضارية، جسدت روح الوطن وتوحده وروح
العصر في إزالة ما تمخض عنها من مخلفات بيئية. وقد لاحظت أن جميع التناقضات
التي ذكرناها في تقرير الشباب السابق اختفت تماما، فكنا نظن أنهم لا
يريدون المشاركة لأنهم كسالي أو منغمسون في التدين، حتي الفتنة التي هزتنا
من الداخل اختفت تماما، وأنهم غير معترفين بها، كذلك قصة التحرش الجنسي
وكنا نسأل الشاب، لماذا تتحرش بالفتيات رغم أنك متدين ؟! والتربية الوطنية
التي تلقيناها خلال 18 يوما تغطي 20 منهجا. الفترة الانتقالية التي ستستغرق
6 أشهر سيتوقف عليها مستقبل مصر لو تمت بنجاح، وعلينا أن ندرك أن الشباب
قطع نصف الطريق. كما وضح عدم فاعلية الأحزاب في مصر.
ما هما أهم
مشكلتين في مصر
حاليا ؟
- الأجور والبطالة، وهناك حلول موجودة
ستساعدنا علي رفع الأجور والقضاء علي البطالة. لكن الأهم مدي اختيارنا
للوزراء وللمسئولين كذلك ضرورة تغيير الأسلوب والمنهج المتبع حاليا في
إدارة الوزارة، فلا يجب أن تسخر الوزارة كلها لتخدم علي وجهة نظر الوزير
تجاه قضية أو مسألة معينة والحرص علي الكتمان في كل الأمور، لابد أن تكون
هناك شفافية ومشاركة من الجميع لكل قرار يتخذ يمس مستقبل البلد. عملت في
وزارة الصناعة لمدة 14سنة مع 4 وزراء من 1979حتي 1993. وتعرف تلك الفترة
بفترة التحول الاقتصادي وكان كل وزير يعمل كجهة تنفيذية ليس لهم صالح
بالسياسة. وعلي قدر معرفتي لم يكن هناك وزراء ذوو انتماء حزبي ولا يشترط أن
يكون الوزير في الحزب الوطني. ولقد شهدت الفترة الماضية اختلالا كبيرا،
فلا تستطيع أن تحمل حقيبة وزارية إلا من خلال عضويتك في الحزب ودرجة قربك
من المسئولين عن الترشيح والتعيين. ومن ثم انتشرت المحسوبية والنفاق
الحزبي، إضافة إلي أن الوزراء لا يلتقون في مناقشة أفكارهم سواء داخل الحزب
أو خارجه فهم يعيشون في جزر منعزلة رغم أنهم أعضاء في الحزب الحاكم
ويعقدون اجتماعا كل أسبوع . وفي هذه المرحلة يجب أن تكون هناك لجان تضم
الخبراء المعنيين بالقطاعات المختلفة، لجنة للمالية وثانية للزراعة وثالثة
للمياه ورابعة للتشغيل وهكذا بالتنسيق والحوار مع الوزير المختص. والتقرير
الجديد الخاص بالتحديات التنموية الرئيسية التي تواجه مصر يضم 37 تحديا،
الأربعة الأولي تتعلق بالتحديات المؤسسية، حيث هناك تفتيت وتفكيك في اتخاذ
القرار. فكل وزير يعرض مذكرته علي مجلس الوزراء التي يوافق عليها الجميع
دون معرفة محتواها، وإن تمت بعض المناقشات علي استحياء فهي مناقشات لا تمت
إلي الأسلوب الأمثل في اتخاذ القرار وتتم في عجالة. المشكلة أن الوزراء لا
يريدون رأي أحد ويصرون علي وجهة نظرهم فقط، وبالتالي فهم يعملون في الظلام.
كل وزير قابع في مكانه ويتكئ علي مستشار أو اثنين لن يفيد البلد. ولو
استحضرنا التجربة البريطانية في إدارة البلاد سنجد خبراء في البرلمان ، كما
أن لكل حزب توجهه الخاص به، وعندما نشير إلي حكومة الحزب الفلاني نعرف
توجهاتها ومستقبل تلك الحكومة، فالحكومة ما هي إلا جهة تنفيذية لما وضعه
الحزب من سياسات وخطط في كل المجالات، في الضرائب، الأجور، معالجة البطالة،
الرعاية الصحية، التعليم. فالوزير ليس وحده صاحب القرار. ومن ثم تعجبت
كثيرا من أن كل وزير أخذ قراره الفوري بتعيين كذا ألف دون دراسة حقيقية
لمواجهة تلك المشكلة ولا تداعياتها في المستقبل، المهم الحفاظ علي مكانته
في تلك اللحظة والنقطة الثانية وهي الخاصة بتحقيق العدالة، علينا جميعا أن
نتفق علي ما هي الأولويات ؟ وبعد مناقشات يخرج القرار النهائي بتوضيح
الأولويات. العدالة أن تكون هناك فرص عمل وأن يوجد حد أدني للأجور وتكافؤ
في الفرص.
كيف يمكن تدبير الأموال اللازمة لهؤلاء الذين تم تعيينهم
مؤخرا ؟ والدور المطلوب من القطاع الخاص حاليا؟ وكيف نساعد المشروعات
المتناهية الصغر علي الاندماج في القطاع الرسمي؟
- هناك 4 حاجات أساسية
يمكن من خلالها توفير الأموال اللازمة لزيادة الأجور: أولا لا يمكن أن
نتغلب علي مشكلة الفساد دون التغلب علي مشكلة الأجور، أنا مع الذين نزلوا
إلي الشارع للمطالبة بزيادة الأجور لكن علينا أن نتريث في هذا المطلب الآن
حتي تستقر الأمور، صحيح هم أعطوا رسالة هامة فحواها إذا أردتم أن نعمل بجد
وبدون فساد فيجب أن تزيد الأجور وخاصة الحد الأدني، ليس أول التعيين بل بعد
عامين من التعيين ولا يجب أن أحدد سقفا للأجور بل أجعلها للعرض والطلب
طالما لا يوجد احتكار، الفساد بدأ قبل فترة مبارك لكنه استفحل بدرجة كبيرة
في العقد الأخير. وقد عايشت قضية فساد كبيرة في أوائل الثمانينيات خاصة
بتصنيع الورق من مخلفات قصب السكر واتهم فيها وكيل وزارة الصناعة، وكان
يتحدث معي علي أن مرتبه عقب تعيينه كان يوفر له كل متطلباته ويدخر منه،
وعندما وصل إلي درجة وكيل وزارة الصناعة أصبح المرتب لا يكفي لمدة عشرة
أيام وعهد اليه الأجانب عند توقيعه علي العقد أنهم سيعهدون إليه بالقيام
بدراسة جدوي لمشروع معين بمبلغ كبير، وعندما ضبطت المجموعة متلبسين مات
وكيل الوزارة في أول يوم من المحاكمة. والمسئول هنا الحكومة والدولة.
فالأجر الأساسي مهم جدا ولا يصح أن يكون 400 جنيه بل يجب أن يواكب حركة
الأسعار والتضخم. وبالتالي يجب أن نأخذ يومية الفلاح ونضربها في30 يوما.
وأن تكون هناك موازنة ما بين الأجور والتشغيل، وما تم فعله منذ الستينيات
وحتي الآن أن نشغل بزيادة مقابل التقليل في الأجور، ومن ثم ظهرت الرشوة
واستفحلت نتيجة هذا الوضع. كان نظام التعليم في مصر من أجود النظم في
الأربعينيات والخمسينيات والستينيات، وكان الأساس للحراك الاجتماعي. وكان
الموظف الحكومي من أنزه وأنظف الناس. والأجر الذي انخفض هو الذي أفسد
الحياة.
لابد من توجيه العمالة ناحية القطاع الخاص والأعمال الحرة، هناك
مئات الآلاف من فرص العمل بمساعدة ودعم من الحكومة فالذي تنفقه علي تعيين
فرد في الحكومة يمكن به تشغيل 4 خارج الحكومة، وهذا ما أكدنا عليه في
تقاريرنا السابقة حيث أشرنا إلي 55 برنامج تنمية بفاتورة نحو 100 مليار
جنيه علي 10سنوات لكي نحقق كل أهداف الألفية. وتم تفصيل كل برنامج علي حدة،
للقطاع الخاص والشباب والجمعيات الأهلية، فالتعليم قبل المدرسي ليس في
حاجة إلي الحكومة، يمكن من خلال حضانات بسيطة جدا والحكومة هنا مسئولة عن
المدرس واليونيسيف تساعد علي انتشار مثل هذه الحضانات بشرط توفير المكان،
والمكان قد يبني بالطوب اللبن. وهذه الحضانات توفر 100ألف فرصة عمل
وأن
نرفع نسبة تعلم الأطفال من 15% في سن 4 و5 سنوات إلي 60 % خلال 10 سنوات.
اليوم لا نصل إلي 23 % بسب احتكار الحكومة لكل المنظومة. وعندما تحول الوضع
إلي القطاع الخاص تحول الكل إلي محتكرين. علينا أن نعطي القطاع الخاص
فرصته لأن أكثر من 80 % من المنشآت متناهية الصغر. من خلال إرشادهم إلي
نماذج معينة في مختلف المجالات وأنا كوزارة ما سأعتمدك علي أنك مؤهلة لهذه
الخدمة (الكمبيوتر، السباكة، الملابس الجاهزة، الدهان،.الخ) وبالتالي يمكن
خلق فرص العمل. وإذا نُفذت الاستراتيجية القومية لتنمية المشروعات
المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بفعالية، فإن ذلك من شأنه توسيع نطاق
هذا القطاع؛ فمن خلال زيادة عدد هذه المشروعات بنسبة 30 % بحلول عام 2013ما
يعني إضافة يقرب المليون وزيادة حجم كل منها من 2.3عامل إلي 2.5عامل، فمن
المتوقع أن ينتج عن ذلك زيادة فرص العمل بنحو 2.25مليون فرصة عمل علي مدي
السنوات الخمس وقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر يعاني من عدة
معوقات: معوقات تتعلق بالطلب علي منتجات هذه المشروعات بسبب ضعف القوة
الشرائية من جانب المشترين ذوي الدخل المنخفض، ومحدودية الروابط مع الشركات
الأكبر. ومعوقات متعلقة بمدخلات الإنتاج التي تتمثل في انخفاض مستوي
استخدام التكنولوجيا، وعدم الحصول علي التمويل الكافي وعلي خدمات تنمية
الأعمال ومعوقات تتعلق بالعمالة لندرة العمال المهرة والمدربين، وعدم
القدرة علي دفع أجور عالية وعلي تغطية التكاليف المرتفعة الأخري بخلاف
الأجور. ومعوقات تتعلق بالإجراءات القانونية والتنظيمية التي يتطلب
الالتزام بها تحمل هذه المشروعات أعباء ثقيلة مما يؤدي إلي زيادة نسبة
المشروعات بالقطاع غير المنظم.
كما يمكن أن تقدم دعما للقطاع الخاص خاصة
المنشآت الصغيرة من خلال التأمينات الاجتماعية لأنها تمثل عبئا كبيرا علي
المنشآت الصغيرة ، فبدلا من تشغيل العاملين لدي الحكومة، تقدم هي الدعم
لتلك المنشآت لاستيعاب العمالة وهذا يعتبر دعما خفيا للأجور أفضل من دعم
الصادرات لفئة محددة، كما يجب أن يتوقف فورا علي أن يوجه للمنتجين الذي
يبيعون للسوق المصري وليس للتصدير. وبالتالي سيتم تحويل تلك المنشآت غير
الرسمية إلي منشآت رسمية بها عمالة مؤمن عليها. وتم حساب تكلفة الدعم لتلك
المنشآت بنحو 7 مليارات جنيه.
والنقطة الهامة التي يجب التركيز عليها
بالنسبة للشباب وهي الخاصة بتوزيع الأراضي فمن الصعب تصديق القول بعدم وجود
أراض، وفي نفس الوقت هناك أراض موزعة بالآلاف علي فئة بعينها بدون مقابل،
فيجب أن يحصل كل شاب علي قطعة أرض بدون مقابل لإقامة مشروعه الخاص في حدود
50-60 مترا . فأكثر المشروعات الآن في أمريكا وكندا هي مشروعات خدمية. من
خلال مكتب به جهاز كمبيوتر يدير كثيرا من الخدمات لتنظيف المنازل وتوصيل
الطلبات وغير ذلك، وهناك أراض في كل محافظة ملك للدولة والمحافظة التي لا
توجد فيها أراض للدولة يمكن شراء مساحة ما فيها للشباب. وعلينا أن نفك
الاحتكارات في كل المناطق وأماكن التسويق والبيع حتي يستطيع الشاب أن يجد
مكانا له، هناك احتكارات في السياحة وفي الصناعات المختلفة وفي مناطق
بعينها وفي تجارة الجملة التي تستولي علي جهود الفلاح وترفع الأسعار.
ما
هو الدور المنتظر من الشباب؟
- يمكن إلحاق الشباب في الإدارة لأنه يملك
النفس الطويل ولديه القدرة علي استعمال الأدوات الجديدة ولغة الاتصال
الخاصة بهم وهم موجودون في كل القطاعات علي الانترنت ولهم صفحات علي
الانترنت للتسويق والبيع. كما يجب أن نحرص علي ما تم بناؤه وانجازه خلال
السنوات الماضية. فهناك استقصاءات للمستقبل تم عملها كذلك مشروع الألف قرية
حيث تم لأول مرة معرفة القري الأشد فقرا وأن نستفيد مما رأيناه من حملات
التطوع لتنظيف الميدان بعد المظاهرات لماذا لا نوجههم إلي كثير من مجالات
التنمية خاصة في موضوع محو الأمية حيث أكثر من40% من السكان أميون، وأن
نغير مفهوم التطوع من التطوع بلا مقابل إلي التطوع بأجر. وهناك سياسة
للتطوع في أكثر من 40دولة، لذلك يجب تعبئة الشباب لمحو الأمية ولغيرها من
مشروعات التنمية المختلفة. الانفجار الذي حدث نتيجة لعدم الحرية وعدم
الانشغال بعمل ما والجلوس أمام الكمبيوتر لساعات طويلة.
التقرير الأول
كان بمثابة جرس إنذار للشباب والتقرير الثاني الذي سيصدر قريبا والذي يحمل
عنوان "تحليل الموقف: التحديات التنموية الرئيسية في مصر" يعتبر وليد
اللحظة ويضع يده علي التحديات الرئيسة في وقت صعب، فما هو الهدف من هذا
التقرير والتحديات التي رآها ؟
- يهدف التقرير "تحليل الموقف" إلي تقديم
عرض عام لتحديات التنمية الرئيسية التي تواجه مصر خلال الفترة من الخمس
إلي العشر سنوات القادمة. والهدف من وراء تحليل الموقف هو العمل علي أن
تركز السياسات والاستراتيجيات القومية، والموارد المحلية والدولية علي
مجالات التنمية التي تحظي بالأولوية، والتي تعد أساس التنمية المستدامة
والعادلة وتحقق فوائد ملموسة لكافة شرائح المجتمع في كل المناطق مع إعطاء
اهتمام خاص لأكثر الفئات المستضعفة من السكان. وإذا استعرضنا هذه التحديات،
فإنها تغطي أبعادا متعددة للفقر والاستبعاد، خاصة فيما يتعلق بالمياه،
والصرف الصحي، والإسكان بالنسبة للفقراء، فضلاً عن الصحة، والتعليم،
والتدريب المهني، والتأمين الاجتماعي للجميع والإسكان بالنسبة للفقراء،
والتأمين الاجتماعي لجميع المواطنين، والتحويلات النقدية المشروطة للفئات
التي تعاني من الفقر المدقع، وتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي إلي جانب
التشغيل في المشروعات المتوسطة في الريف والحضر، وزيادة الإنتاجية،
واستخدام الميكنة الزراعية. وهي تتضمن أيضًا تحديات أخري مزمنة مثل
المساواة بين الجنسين، والمشاركة السياسية، والشفافية، والمساءلة العامة،
وتدعيم احترام حقوق الإنسان. وتتضمن تحديات التنمية أيضًا عددًا من القضايا
التي برزت علي السطح في الأعوام القليلة الماضية ومنها آثار تغير المناخ،
وجائحة الأنفلونزا، وارتفاع الأسعار العالمية للسلع الغذائية والوقود. وهي
أمور لها آثار سيئة علي الفقراء. وقد ساهم في هذا العمل الكبير فريق مكون
من 80 شخصية اقتصادية مستندا علي كل الوثائق والدراسات الحكومية المتوافرة،
بالإضافة إلي الوثائق غير الرسمية التي قدمها مختلف شركاء التنمية مؤخراً.
كما شارك فريق العمل في حوار بنّاء مع مجتمع التنمية القومي والدولي، مما
يجعل تقرير "تحليل الموقف " حقاً وثيقة وطنية تضم مساهمات مختلف الأطراف
المعنية.
ما هي النتائج التي توصل إليها التقرير عند تقييم الوضع حاليا
؟
- تتمثل أهداف تحليل الموقف بالنسبة لأجندة القاهرة في :
- تقييم
اتجاهات التنمية في مصر في الآونة الأخيرة، وتحديد التحديات الرئيسية التي
يتعين التغلب عليها.
- النهوض بالنمو المطرد والشامل الذي يستفيد منه
الجميع من أجل الأجيال الحالية والقادمة.
- التركيز علي الاختناقات
المؤسسية، وسياسات الإدارة التي تعرقل تحقيق النتائج التنموية علي
المستويات الكلية والقطاعية.
- مساندة جهود مصر الرامية إلي وضع
استراتيجية متكاملة للتنمية لعام 2030.
- تشجيع مصر علي تصميم خطط عمل
منبثقة من واقعها - من خلال المساندة الفعالة من جانب الجهات المانحة -
تحدد إطارًا زمنيًا وتقدم اقتراحات يمكن متابعتها.
وهناك ثلاثة مبادئ
أساسية لفعالية التنمية يسترشد بها في إعداد تحليل الموقف في أجندة
القاهرة:
بناء مشاركات أكثر شمولاً بين الشركاء المصريين، مثل المجتمع
المدني والقطاع الخاص، وكذلك مع الشركاء الدوليين، بما في ذلك دول الجنوب.
تقوية الشعور القومي بملكية أجندة التنمية، وتدعيم المساءلة بين كل شركاء
التنمية، وتحقيق تنظيم أعظم بين الأولويات القومية وأولويات شركاء التنمية.
والنهوض بالقدرة القومية علي إدارة التنمية، ويتولي الشركاء القيام بدور
مساند بالإضافة إلي التركيز علي النتائج المرجوة من خلال تطبيق ترتيبات
الإدارة القائمة علي النتائج. وجاء التقييم كالتالي :
1- كان تصنيف
منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ولجنة مساعدات التنمية لمؤشر "الملكية"
في مصر "معتدلا". وقد تبنت الحكومة ملكية أجندة التنمية منذ سنوات عديدة،
ولكن علي مصر أن تستمر بعض الوقت في المضي في هذا الطريق حتي يمكنها تحقيق
هذا المعيار الهام بالكامل.
2- اعتبر التنظيم أيضًا معتدلاً. وقد تم
اتخاذ خطوة هامة بوضع مصفوفة تم فيها تصنيف المشروعات التي يمولها الشركاء
وفقًا لقائمة أولويات التنمية التي وافقت عليها مصر. وتتمثل إحدي المعوقات
في عدم توفر الخبرات الفنية وخبرات التفاوض الضرورية للمشاركة في المناقشات
الهامة مع شركاء مصر. وهذا يوضح التحديات المتعلقة ببناء القدرات، لذا علي
مصر أن تواجه هذا التحدي بجدية أكثر مما سبق.
3- وبالنسبة لقضية
التناغم في مساعدات التنمية الرسمية حصلت مصر علي تصنيف "منخفض". وهذا يشير
إلي تعدد بعثات شركاء التنمية دون أن يكون هناك تنسيق بينها، وضعف العمل
التحليلي المنسق، والصعوبات التي تعترض إعداد استراتيجية أكثر تكاملاً يتم
تنفيذها علي أرض الواقع. وقد أدي هذا إلي جانب أمور أخري إلي تفتيت
المساعدات الإنمائية، وزيادة تكاليف المعاملات، ومحاباة مناطق معينة عند
تقديم المساعدات الإنمائية، وحرمان مناطق أخري من هذه المساعدات.
4-
تشير مبادئ إعلاني باريس الأخيرين إلي "الإدارة بنتائج التنمية" و"المساءلة
المتبادلة". وقد حصلت مصر في هذين المؤشرين علي تصنيف معتدل، وهو تصنيف
معقول. وقد تبين أن معظم مشروعات التنمية التي قام مركز تقييم المشروعات
والتحليل الاقتصادي الكلي بتقييمها تعتمد في الغالب علي الإدارة بالمخرجات
وليس علي الإدارة بالنتائج.
5- إن المساءلة المتبادلة قد تكون الإجراء
الوحيد الذي يمكن أن يكون ذا فاعلية في المساعدة علي دفع أجندة إصلاح
مساعدات التنمية الرسمية للأمام. وقد يكون من الظلم أن نقول إن مصر ليس
لديها آليات للمساءلة المتبادلة.
ما هي أكثر المهام إثارة للتحدي أمام
مصر خلال سنوات الخمس القادمة؟
-حأكثر المهام إثارة للتحدي أمام مصر،
تتمثل في تخفيض نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر القومي التي استقرت
عند 20 % علي مدي عقد من الزمان. وقد تكون البطالة هي ثاني أكثر التحديات
خطورة، خاصة بين الشباب تحت الثلاثين عامًا، الذين يشكلون 90% من إجمالي
حجم البطالة، التي يبلغ معدلها أقل قليلاً من 10 %، وبالنسبة للفوارق بين
الجنسين، فإنه علي الرغم من انخفاض الفجوة في الالتحاق بالتعليم الأساسي،
مازال تمثيل الإناث في الحياة السياسية من أدني المستويات في العالم،
والأكثر من ذلك تراجعت مشاركة الإناث في قوة العمل خلال السنوات القليلة
الماضية نتيجة عدم ملاءمة ظروف العمل في القطاع الخاص ومنها انخفاض الأجور،
وطول ساعات العمل وسوء المواصلات العامة. وبالنسبة لمشكلة الوصول للصرف
الصحي الآمن، خاصة في المناطق الريفية، فإنه علي الرغم من التحسن الملموس
الذي تحقق في الآونة الأخيرة، مازال التحدي مثيرًا للانزعاج، وهناك تزايد
في انتشار الأمراض المرتبطة بالصرف الصحي مثل الفشل الكلوي المياه والصرف
الصحي وإدارة المخلفات الصلبة. وخلال السنوات الخمس الماضية، استكملت
الحكومة المصرية 1669 مشروعاً لخدمات المياه والصرف الصحي، تكلفت 50مليار
جنيه مصري. ورغم منح الأولوية لمشروعات المياه، قامت الحكومة باستكمال 257
مشروعاً للصرف الصحي، أضافت 2.5 مليون متر مكعب يومياً حتي نهاية 2009 ،
وكانت التكلفة التراكمية لتلك المشروعات قد تجازوت 15 مليار جنيه، ويخصص
الجزء الأكبر من الميزانية الحالية لمشروعات خدمات الصرف الصحي حيث يتوقع
الانتهاء من 69 مشروعاً في المدن وفي المناطق المتاخمة للمدن، بما يضيف
حوالي 1.6 مليون متر مكعب يومياً من سعة خدمات الصرف الصحي. وسوف يبلغ
إجمالي طاقة خدمات الصرف الصحي 15,3 مليون متر مكعب يومياً، بما يمثل حوالي
68 % من السعة التي تحتاج إليها البلاد حالياً بناء علي صيغ تربط حجم
المياه المنتجة بالسعة المطلوبة للصرف الصحي.
لماذا انخفضت المساعدات
الأجنبية لمصر في الفترة الأخيرة ؟
- شهدت مصر انخفاضاً في تدفقات
المساعدات الخارجية في السنوات الأخيرة، وذلك رغم أنها مازالت تواجه مجموعة
من التحديات التنموية الصعبة، ويرجع ذلك إلي تصنيفها كإحدي "الدول
المتوسطة الدخل " مؤخراً - وإن كانت تقع في مركز متأخر ضمن هذه المجموعة -
فإن الهدف من وراء تحليل الموقف هو العمل علي أن تركز السياسات
والاستراتيجيات الوطنية، والموارد المحلية والدولية علي مجالات التنمية ذات
الأولوية، التي تعد مفتاح التنمية المستدامة والعادلة وتحقق فوائد ملموسة
لكافة قطاعات المجتمع في كل المناطق، مع إعطاء اهتمام خاص للفئات المستضعفة
من السكان. ومن المتوقع أن تؤدي المخرجات الأخري لأجندة القاهرة للعمل إلي
تحسين مستوي الشفافية والقدرة علي التنبؤ بتدفق وعودة المساعدات مرة أخري .
ماهي المجالات التي ركز عليها تقرير " تحليل الموقف " ؟
- هناك
ثلاثة مجالات رئيسية تم التركيز عليها، وهي:
-الاستثمار في الموارد
البشرية، أو إعداد شباب مصر - الجيل القادم - للمنافسة في المجتمع
الاقتصادي العالمي وتحقيق أقصي استفادة من التحول الديموغرافي الحالي وتغير
الهيكل العُمري. ويتطلب تحقيق ذلك نظاماً تعليمياً أكثر ملاءمة وإنصافا،
بما في ذلك تحسين التدريب المهني. والتحول الأخضر وهو ينطوي علي التحول إلي
أشكال الطاقة المتجددة في القرن الحادي والعشرين وترشيد استخدام المياه
والطاقة، واتباع سبل أكثر حفاظاً علي البيئة في كافة الصناعات، والحد من
التلوث. والابتكار والبحث العلمي والتطوير لخلق اقتصاد معرفي عن طريق
الاستثمار في مجال الابتكار، ودعم مجتمعات الابتكار الجديدة ذات القيمة
المضافة. وبالإضافة إلي ذلك، يتعين علي كل قطاع صناعي القيام بوضع
استراتيجية تنافسية خاصة به، وعلي كل محافظة أن تضع استراتيجية التنمية
الاقتصادية المحلية الخاصة بها.
كيف تنظرين الآن إلي قضية أراضي الدولة ؟
-
أدي الاعتماد علي نموذج التنمية القطاعية إلي وجود إطار مؤسسي لإدارة
أراضي الدولة يتسم بالتعقيد والتفتت وتشتته بصورة غير عادية بين هيئات
حكومية مركزية متعددة تشرف علي أراضي الدولة خارج الزمام وموزعة علي
مستويات قطاعية، وبين الحكومات المحلية التي تشرف علي أراضي الدولة داخل
الزمام وموزعة علي مستويات جغرافية. وهذا الوضع هو نتيجة تراكم كم هائل من
التشريعات التي صدرت علي مدي العقود الأربعة الماضية، والتي احتوت علي أكثر
من 40 قانونًا وقرارًا لا يوجد تنسيق بينها، ويتعارض معظمها بعضها مع
بعضها. وهذا يعكس غياب إطار للسياسات يتسم بالتماسك، والفشل في مراجعة
السياسات الماضية في ضوء التحديات الحالية ومتطلبات التنافسية. ومما يزيد
هذه المشكلة تعقيدًا الإجراءات المعقدة والتعسفية المرتبطة بتخصيص الأراضي
المملوكة للدولة، والتسعير، وضوابط التنمية، إلي جانب عدم وجود نظام
معلومات متكامل عن أراضي الدولة. ولهذا هناك حاجة لوضع سياسة واضحة وشاملة
لأراضي الدولة تعيد تأكيد دور السوق في تخصيص الأراضي العامة، ثم تضع إطارا
رشيدا للتخطيط والحوافز يعكس الاحتياجات والأولويات الحالية. ومثل هذا
الإطار سوف يحقق التوازن بين الأهداف الحكومية التي تتمثل في تحقيق
الكفاءة، والعدالة، والاستدامة البيئية، ويؤكد علي تخصيص الأراضي العامة
استنادًا إلي آليات السوق، وبناءً علي أهداف محددة بصورة جيدة مثل توفير
الإسكان الذي يتفق وقدرات المواطنين، والحفاظ علي البيئة، وتخطيط استخدام
الأراضي بناءً علي النهج الذي يحركه الطلب. وأخيرا، فإنه نظرًا لأن الدور
الأساسي للقطاع العام هو خلق البيئة الداعمة لجذب الاستثمارات الخاصة،
والاهتمام بتطوير أسواق الأراضي والعقارات، فإن تحسين إدارة الأراضي العامة
يتعين أن يتم في إطار جهود متكاملة وشاملة لوضع الأسس التنظيمية للأسواق
حتي يمكن أن تؤدي هذه الأسواق وظائفها بكفاءة. وهذا سيتطلب أيضًا التصدي
لهذه التحديات بإصلاح أوجه الاختلال في نظم تسجيل الأراضي والممتلكات
والضرائب المفروضة عليها.في ظل هذه الرؤية الجديدة للمشاركة، أصبحت
السياسات القومية وتنفيذها مهمة مشتركة. وتتمثل مخرجات نجاح هذه المهمة في
وجود نظام تشريعي يتسم بقدر أكبر من الليبرالية، وفي إجراء تشاور أكثر
شمولا بين كافة الأطراف المعنية في مصر، والتعاون في تنفيذ المبادرات
الاجتماعية حتي يمكن تلبية الاحتياجات والاهتمامات الاجتماعية الجديدة.