قانونيون يحذرون من انتخاب الرئيس قبل وضع 'الدستور'
بين الاجتماعات المشتركة التي عقدها مجلسا الشعب
والشوري صبيحة السبت الماضي لنوابهما المنتخبين لمناقشة قواعد انتخاب
الجمعية
التأسيسية التي ستتكون من 100 عضو والتي ستتولي مهمة إعداد مشروع دستور
جديد للبلاد، طبقًا للمادة 60 من الإعلان الدستوري.. وبين البيانات التي
صدرت صباح الأحد الماضي عن المجلس القومي لحقوق الإنسان وتحدثت عن معايير
انتخاب الجمعية التأسيسية وأنها يجب أن تكون ممثلة لجميع أطياف المجتمع
خاصة المرأة والأقباط، يأتي السؤال المهم الذي يفكر فيه كل المصريين الآن
وهو: 'هل يجوز أن تمضي انتخابات الرئاسة بالتوازي مع إعداد الدستور؟ وهل
يجوز أن ننخب رئيسًا بلا دستور؟ وما هي صلاحياته؟'.. الكثيرون يرون فيها
إشكالية صعبة في ظل وضع ملتبس في حين يري آخرون أنه لم تعد توجد في مصر أي
غرابة فقد تعودنا علي ذلك.. والأهم أن ننظر للكيفية التي نخرج بها من
المرحلة الانتقالية.
آراء متباينة منها من يري أن انتخاب رئيس بدون
دستور أمر شديد الخطورة ولهذا يري محمد فايق نائب رئيس المجلس القومي لحقوق
الإنسان ووزير الإعلام الأسبق أن المجلس وضع وثيقة مهمة تم فيها تحديد
القواعد الواجبة في اختيار من يتم اختيارهم في الجمعية التأسيسية وهي
الورقة التي تأتي في إطار الدور الذي يقوم به المجلس للمساعدة علي الخروج
بأمان من المرحلة الانتقالية والتي يجب أن يشارك فيها كل أطياف المجتمع.
إلا
أن هذا التوافق لا يمنع علي حد قول محمد فايق من أن يقول: 'إننا أمام وضع
غريب جدًا رغم محاولتنا تقبل الواقع.. وكان من المفترض أن يتم وضع الدستور
قبل الرئيس وقبل انتخابات مجلسي الشعب والشوري'.
فايق يري أن الدستور
يجب أن يخرج أولا ونعرف صلاحياته قبل ان تبدأ الانتخابات وما الالتزامات
الواجبة عليه.
سألنا محمد فايق: وماذا إذا أفترضنا أنهم اتفقوا علي
إعداد الدستور في مدة قصيرة؟ فأجاب: هذا الوضع له مخاطره.. وكنا نتمني ألا
يحدث لأن ضغط المدة وصدور الدستور في مدة قصيرة أمر غير مأمون العواقب وليس
في صالح أحد لأننا نضع دستورًا للمستقبل ومن الواجب أن يتحدث عن مصر
المستقبل بشكل واضح وصريح.
ويري المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة
النقض ان هناك حالة من عدم الاطمئنان وعدم الثقة من الناحية القانونية.
ويري مكي ان عدم وجود دستور ليس أزمة لأن الدول تولد أولا قبل ان تضع
دستورها.. وهناك دول تعيش حياة ديمقراطية سليمة بدون دستور مثل بريطانيا.
ومسألة
كتابة الدستور ليست إلا عبارات مكتوبة.. وقد كانت لدينا دساتير منذ عام
1882 إلي مجلس شوري القوانين حتي الآن ومع ذلك لم تحقق تقدمًا في
الديمقراطية.
ولذلك يري مكي ان القضية شكلية فالأفضل ان توجد لدينا
'بلد' أولا حتي وإن غاب الدستور لأننا أمام 'محك' خطير، إما أن يخرج
الدستور في ظل حكم العسكر وإما في ظل الرئيس. والوضع الثاني أفضل لأن
انتخاب الرئيس سيحررنا من حكم العسكر فإذا لم يعجبنا الدستور فمن الممكن ان
نعد دستورًا آخر خلال خمس سنوات.
والمهم الآن ان نخرج من المرحلة
الانتقالية وأن تتم الانتخابات الرئاسية أو الدستور ولا يهم ان يكون ذلك
بالتوازي.
ويري مكي ان وجود شعب يقظ يعرف حقوقه هو الضمان الوحيد
للدستور ومحاسبة الرئيس لأن وجود شعب حريص علي الديمقراطية هو الضمانة
للدستور وللرئيس معًا.
ويتفق في الرأي الدكتور أنور رسلان أستاذ القانون
الدستوري بجامعة القاهرة والذي يشير إلي أننا نخضع حاليًا للإعلان
الدستوري الصادر من المجلس الأعلي للقوات المسلحة وخيرًا فعلوا عندما
أعلنوا عن عمل 'لجنة تأسيسية للدستور' ونتمني ان يتم عمل هذه اللجنة قبل
انتخاب الرئيس حتي نعرف صلاحياته.
ولكن لأننا في أعقاب ثورة وفي مرحلة
انتقالية فإن الوضع لدينا ملتبس وهناك مشكلة في ضبط المواعيد، بل ضبط البلد
من الأساس فقد كان المفروض ان يتم عمل الدستور أولا ولكن بما ان الواقع
فرض رأيًا مختلفًا فإن تشكيل لجنة تأسيسية هو أمر جيد في اللحظة الراهنة
وهو خطوة للأمام لا يجب التراجع عنها فلدينا 50 مليون ناخب وأكثر من 100
حزب وائتلافات عدة تحتاج كي تتوافق إلي تنسيق الجهود والتفاهم بشكل جدي
وسريع حتي نصل إلي قواسم مشتركة وهو ما أتمني حدوثه حتي نمر من هذه المرحلة
بهدوء وبأكبر قدر من المكاسب وأن نصل إلي مشروع دستور يرضينا جميعا لأن
الشعب المصري يستحق ان يعبر تلك المرحلة الانتقالية بأمان.
إلا ان
الناشط السياسي جورج اسحق يري ان ما يحدث هو استمرار لسلسلة الأخطاء التي
نقع فيها كل فترة قصيرة وأن هذا الاتجاه وسير الدستور بالتوازي مع انتخاب
الرئيس سيؤديان إلي دخولنا في نفق مظلم وأن القائم بالأمر عليه لن يجد حلا
لهذه الإشكالية وأن انتخاب الهيئة التأسيسية يجب ان يكون من خارج البرلمان
وهو ما طرحناه من خلال اللجنة التشريعية في مجلس حقوق الإنسان حتي نخرج
بدستور عليه توافق ويعبر عن بلد قامت فيه ثورة شريفة كانت تبحث عن الكرامة
والعدالة الاجتماعية.